بجهود دائرة شؤون التعاون العلمي الدولي، وبالتعاون مع الجمعية العلمية الطلابية لقسم اللغة والأدب العربي في جامعة المذاهب الإسلامية الدولية، عُقدت «المدرسة الدولية الثالثة لتنمية مهارات اللغة والأدب العربي» افتراضيًا من 21 إلى 26 سبتمبر 2025، بمشاركة نخبة م

٢٣ سبتمبر ٢٠٢٥ | ١٥:٠٢ رقم الخبر : ٦٠٠ الأخبار والأحداث
عدد القراءات:٢٦
بجهود دائرة شؤون التعاون العلمي الدولي، وبالتعاون مع الجمعية العلمية الطلابية لقسم اللغة والأدب العربي في جامعة المذاهب الإسلامية الدولية، عُقدت «المدرسة الدولية الثالثة لتنمية مهارات اللغة والأدب العربي» افتراضيًا من 21 إلى 26 سبتمبر 2025، بمشاركة نخبة م

ألقى الدكتور عقيل الخاقاني، أستاذ في جامعة الكوفة (العراق)، محاضرة بعنوان «مواقف الفلاسفة المسلمين من الشعر العربي، شُرّاح أرسطو مثالًا». أشار فيها إلى اختلاف وجهات نظر أفلاطون وأرسطو حول المحاكاة، حيث عدّها أفلاطون بعيدة عن الحقيقة ومضللة، بينما رآها أرسطو جوهر الفن والشعر. وقد انعكس هذا الاختلاف في أعمال الشارحين المسلمين مثل ابن رشد والفارابي وابن سينا. أوضح الأستاذ أن كثيرًا من الفلاسفة المسلمين رأوا الشعر فاقدًا للقيمة المعرفية، لأنه قائم على الخيال والعاطفة ولا يرتقي إلى مستوى البرهان الفلسفي أو الحقيقة العقلية. كما بين أن الفلاسفة المسلمين تأثروا في نظرتهم للشعر بالتعاليم الدينية والأخلاقية للإسلام، فاعتبروا له بُعدًا تربويًا وأخلاقيًا، وأحيانًا في تضاد مع الحقيقة العقلية. وفي الختام، تناول دور ابن رشد في شرح مؤلفات أرسطو، مؤكدًا أنه سعى إلى التوفيق بين نظريات أرسطو والأسس العقلانية الإسلامية، خصوصًا في مجال الفن والشعر. وقد أثارت المحاضرة نقاشات علمية مثمرة بين الباحثين وطلاب الفلسفة حول مكانة الشعر في الفكر الإسلامي وعلاقته بالفلسفة اليونانية.

وفي جلسة أخرى، قدّمت الدكتورة دلال عباس، أستاذة متقاعدة من الجامعة اللبنانية (لبنان)، محاضرة بعنوان «القرآن واللغة العربية». تناولت فيها العلاقة العميقة بين القرآن الكريم واللغة العربية، محللة التأثيرات المتبادلة بينهما. شددت على أن القرآن لم يقتصر دوره على حفظ اللغة العربية، بل أسهم أيضًا في ترسيخ بنيتها النحوية والصرفية والبلاغية. وأضافت أن كثيرًا من القواعد اللغوية، خصوصًا في النحو، قد استُنبطت من النص القرآني. وأوضحت أن لغة القرآن هي المعيار للعربية الفصحى الكلاسيكية، وكانت على مر القرون المرجع الرئيس للتعليم والتأليف والنقد الأدبي. وأشارت إلى الأساليب البلاغية في القرآن، مثل الاستعارة والتشبيه والإيجاز والسجع، مؤكدة أنها لا تنقل الرسالة الإلهية فحسب، بل ألهمت أيضًا الشعراء والأدباء العرب عبر العصور. كما أوضحت كيف أسهم القرآن في توسيع الدلالات المعجمية لكثير من الألفاظ. وقدمت ببيان علمي رصين صورة واضحة عن الترابط الوثيق بين القرآن الكريم واللغة العربية، مما أتاح مجالًا واسعًا للنقاش العلمي في هذا الموضوع.

وفي الجلسة العلمية التالية، ألقى الأستاذ سيد عليم أشرف، أستاذ في جامعة مولانا آزاد (الهند)، محاضرة بعنوان «العدد والتمييز». تناول فيها واحدًا من أعقد وأهم مباحث اللغة العربية. قام بتحليل البنى العددية في العربية وتقسيمها إلى مفرد ومثنى وجمع، وإلى أعداد أصلية وترتيبية، مبينًا أن لكل منها قواعده الخاصة في النحو والصرف. وأوضح دور التمييز في إيضاح معنى العدد. أشار الأستاذ إلى إحدى أبرز الصعوبات في تعليم العربية، وهي مطابقة العدد مع التمييز من حيث الجنس (مذكر/مؤنث) والعدد (مفرد/مثنى/جمع). وقدم أمثلة متعددة توضّح ذلك. وفي الختام، استعرض نماذج من القرآن الكريم والأدب العربي، مبرزًا دور هذه التراكيب في البلاغة والفصاحة. وقد لاقت المحاضرة اهتمامًا من اللغويين وطلاب العربية ومحبي النحو.

وفي جلسة علمية أخرى، ألقى حجة الإسلام الدكتور رياض الأسدي، أستاذ في الحوزة العلمية (العراق)، محاضرة بعنوان «اللغة العربية ومكامن القوة». تناول فيها الأبعاد القوية للغة العربية من منظور تاريخي وديني وثقافي وحضاري. أكد أن العربية هي اللغة التي اختارها الله تعالى لإنزال القرآن الكريم، وهذا الاختيار الإلهي دليل على قدرتها الفريدة في التعبير عن المعاني الدقيقة والعميقة. أشار إلى بنيتها المنسجمة والمعقدة في آن، بما فيها من نظام صرفي ونحوي واشتقاقي وبلاغي، يمنحها قدرة استثنائية في التعبير. وأضاف أن اللغة العربية ليست مجرد أداة تواصل، بل هي وعاء الثقافة والتاريخ والهوية الإسلامية. واعتبر أن إضعافها يعني إضعاف صلة الأمة بتراثها الديني والمعرفي. وفي الختام، دعا طلاب وأساتذة الحوزة إلى مزيد من الاهتمام بتعليم اللغة العربية وبحثها وتطبيقها، باعتبارها شرطًا لفهم النصوص الدينية بدقة والنهوض العلمي.

وفي جلسة تخصصية أخرى، ألقى الدكتور عبد المحسن محمود، أستاذ في جامعتي القاهرة والكويت (مصر)، محاضرة بعنوان «اللغة العربية للناطقين بغيرها: قضايا ومهارات وطرق التدريس». استعرض فيها التحديات التي يواجهها متعلمو العربية من غير الناطقين بها، ومنها تعقيدات النحو والصرف، واختلاف اللهجات، والفجوة بين الفصحى والمحكية. شدد على ضرورة التركيز على المهارات الأربع: الاستماع والكلام والقراءة والكتابة، مع توظيف أساليب تعليمية مناسبة لكل منها. وأشار إلى أساليب حديثة لتعليم العربية، مثل التكنولوجيا التعليمية، والألعاب اللغوية، والنصوص الأصيلة، والمنهج التواصلي. وأكد أن تعليم العربية دون سياق ثقافي يظل ناقصًا، لأن المتعلم بحاجة إلى فهم البعد الثقافي والديني والاجتماعي للغة ليستطيع التواصل الفعّال. وفي ختام محاضرته، عرض بعض مشاريعه التعليمية في القاهرة والكويت، مقدمًا نماذج من النجاحات والتحديات العملية في تدريس العربية. وقد لاقت المحاضرة تفاعلًا من أساتذة اللغة وباحثي تعليم اللغات وطلاب العربية.

وفي الجلسة الختامية، ألقى الدكتور وسام علي الخالدي، أستاذ في جامعة الكوفة (العراق)، محاضرة بعنوان «التجريب الفني في القصيدة العربية الحديثة: قراءة في البنية والأسلوب». تناول فيها ظاهرة التحول البنيوي والأسلوبي في الشعر العربي بعد القرن العشرين. عرّف «التجريب» بأنه محاولة واعية للشاعر لتجاوز الأشكال التقليدية وابتكار صيغ جديدة في الشعر. يشمل هذا التغيير في الوزن والقافية واللغة والتصوير وحتى التركيب النحوي. وأوضح أن الشعر العربي الحديث، خاصة بعد خمسينيات وستينيات القرن الماضي، شهد تحولات جذرية، كان من أبرزها الشعر الحر وقصيدة النثر. كما أشار إلى الأساليب الجديدة في اللغة الشعرية، مثل إدخال اللغة اليومية، والجمع بين الفصحى والعامية، واستخدام الرمز والإيهام والتناص. وأكد أن التجريب الفني في الشعر الحديث لم يكن خيارًا جماليًا فحسب، بل كان أيضًا استجابة للأزمات السياسية والاجتماعية والثقافية في العالم العربي. وقد استقبل الباحثون والأدباء والطلاب هذه المحاضرة بترحيب كبير، لما حملته من قراءة دقيقة وبحثية عميقة حول التجديد في الشعر العربي الحديث.


تعليقكم :